سؤال وجواب

من هو ماهر شرف الدين ويكيبيديا وسيرته

ماهر شرف الدين ويكيبيديا

ماهر شرف الدين صحفي وكاتب سياسي سوري معارض عشق المشاكسة والمصادمة منذ تشكّل وعيه الأولي، وأثار غبار المعارك السجالية التي استطاع من خلالها أن يحرك رواكد الفكر والسياسة والأدب.
ولد في جبل العرب (جنوبي سوريا) عام 1977وعاش في محافظة الحسكة حتى العام 1999حيث سافر إلى بيروت بعد فترة من الملاحقات الأمنية والاعتقالات، وفي لبنان عاش حياة شبه بوليسية -كما يقول- وكان مضطراً للاختباء وتبديل مكان منامته باستمرار لأن مخابرات النظام وجيشه آنذاك كانا موجودين بقوة في كل مكان بلبنان وبعد خروج النظام السوري من هناك تنفس هواء الحرية لأول مرة وبدأ بممارسة الكتابة الأدبية والسياسية وعمل ناقداً وكاتباً في الملحق الثقافي لجريدة “النهار” البيروتية، وأصدر في بيروت دار نشر ومجلة باسم (الغاوون) ومجلة “نقد” الفصلية الخاصة بالنصوص الشابة.
صدرت له العديد من المجموعات الشعرية ومنها (الرسّام الفاشل شعر 1999)، و (ملحق حمورابي السرّي – شعر 2002)،و (سورة فاطمة -شعر 2004) و(العروس) و(تمثال امرأة تتجرع السم) و(حصاة في كليتي اليسرى) بالإضافة إلى سيرة ذاتية بعنوان (أبي البعثيّ) 2005.
“زمان الوصل ” التقت الصحافي والكاتب ماهر شرف الدين وأجرت معه هذا اللقاء
* أنت معارض عتيد من قبل هبوب ما يُعرف بـ “الربيع العربي” ، متى وكيف اتخذت قرارك بأن تصبح معارضاً؟
– قد تتعجَّب إن قلتُ لك بأن قراري الأولي والمبكر بأن أصبح معارضاً بدأ من قصة حب في المدرسة. فقد كنتُ في الصفّ العاشر حين وقعتُ بغرام زميلة لي من الساحل فكتبتُ لها بيتين من الشعر على كارت بوستال دسستُه لها في مقعدها أثناء الفرصة، فإذ بها تتصل بقريبها في مفرزة المخابرات فيأتي إلى المدرسة ويشتمني ويُهينني أمام زملائي ويتوعّدني بالسجن!! لقد كان أمراً مروّعاً بالنسبة إليّ كمراهق على مقاعد الدراسة أن تقوم فتاة وزميلة رقيقة بإقحام المخابرات في مسألة كهذه! لقد تمنّيت آنذاك أن تنشق الأرض وتبتلعني بسبب حالة الخجل التي أصابتني، ليس لأنني أُهنتُ أمام زملائي فقط، بل لأن مشاعري صارت منشورة كغسيل وسخ على حبل مفرزة المخابرات.
من هذه الحادثة بدأت أهتمّ بالسياسة، وأذكر في ذلك الوقت أنني لأول مرة أسمع بمعارض سجين اسمه رياض الترك، وقد تحمّستُ لقصته وكتبتُ له قصيدة عمودية لا زلتُ أذكر مطلعها:
“أهديكَ إزميلَ الأزاميلِ/ لتدكَّ أنصافَ التماثيلِ
لتدكَّ جدراناً لهم خُلقتْ/ سيُزيلها ويدوسها جيلي”.
وهكذا من دون أن أُقرِّر ذلك مُزّق بيت شعر للحبّ ليحل مكانهما بيتا شعر للسياسة. تغيَّرت نظرتي إلى ما حولي تماماً، وبتُّ أراقب ما يجري بتمعُّن أكبر.
نحن مواطنون من الدرجة الثانية وثمة مواطنون آخرون من الدرجة الأولى والمسألة تجري ليس على أساس طبقي أو سياسي كما هو الحال في بعض الأنظمة الدكتاتورية الأخرى، بل على أساس طائفي بحت.
وأصدقك القول بأن علاقتي -بعد هذه الحادثة- اضطربت مع أساتذتي الذين كانوا علويين أيضاً والذين كانوا موجودين في كل المحافظات في حين أن خرّيجي تلك المحافظات يجلسون في بيوتهم بلا عمل.
* عذراً للمقاطعة… ولكن أفهم من كلامك بأن المسألة الطائفية كانت الباب الأول لمعارضتك للنظام؟
المسألة الطائفية لم تكن شيئاً مفصولاً أو حائطاً نستطيع تجنّب الاصطدام به، بل هي مسألة تدخّلت في كل تفاصيل حياتنا اليومية. ذات مرة تقاتل أخي الصغير مع زميله من الساحل في المدرسة فكاد أن يُطرَد والدي من العمل!
فإذاً منذ أن كنتُ في أيام المراهقة على مقاعد الدراسة لم يعد باستطاعتي إلا أن أصرخ وإلا أن أعدّ العدّة لتلك الصرخة التي كانت تُكلّف الإنسان حياته.
ولم أكد أُنهي خدمتي العسكرية (التي تأكدتُ فيها أننا لسنا مواطني درجة ثانية فحسب بل عبيد أيضاً، وقد سُجنت آنذاك مدّة شهر ونصف بسبب خلافي مع ضابط علوي) حتى كنتُ قد أعددتُ العدّة لإعلان معارضتي علناً للنظام… وفعلاً في سنة 2002 نشرتُ أول مقال باسمي الصريح ضد النظام في جريدة “النهار” اللبنانية، وتوالت المقالات… لقد عشت في تلك الفترة حياة شبه بوليسية لأنني كنتُ مضطراً للاختباء وتبديل مكان منامتي باستمرار لأن مخابرات النظام وجيشه آنذاك كانا موجودين بقوة في كل مكان بلبنان.
وبالفعل جاء عناصر مخابرات وسألوا عني في أحد الأمكنة التي كنتُ أنام فيها. وبقيتُ على هذه الحالة من الكتابة في الصحافة وأنا شبه متخفٍّ حتى سنة 2005 حيث خرج النظام من لبنان. آنذاك عدتُ إلى ما يشبه الحياة الطبيعية لكن نغّصتها عليَّ سلسلة الاغتيالات التي طالت أحد أجمل أصدقائي ألا وهو سمير قصير… والتي دفعتني مرة جديدة إلى حياة ملؤها الحذر. التفاصيل الأمنية في تلك الفترة كثيرة، وقد اعتُقلت أكثر من مرة من قبل السلطات اللبنانية، ما اضطرني إلى طلب اللجوء من “المفوّضية السامية لشؤون اللاجئين”، وهذا ما حصل فعلاً حيث غادرتُ لبنان إلى الولايات المتحدة سنة 2008.
بين الأبوة والبعث
*يرى الكاتب اللبناني بلال خبيز أن كتابك “أبي البعثي” يُمثل خروجاً عن الأبوة والبعث بوصفهما نظامين يؤبدان المراهقة ويجعلانها مآل الكائن الوحيد إلى أي حد تصدق هذه المقولة على إبداعك وموقفك السياسي، وإلى أي درجة يمكن إسقاط “أبي البعثي” على حال المواطن السوري الذي يبحث لنفسه عن مكان تحت شمس الحرية اليوم؟
– أنا جمعتُ الأبوة والبعث في ما أسميته “البعث المنزلي”. فالأب يُهان في الخارج فيأتي ويُنفِّس غضبه في المنزل فيُهين الأم والأولاد. لم ينجُ أحد من إلزامية الانتساب لحزب البعث، فقد كان ذلك إجبارياً. أنا تم تنسيبي للبعث في الصف العاشر من دون إذني لأنهم جمعوا أسماء المتفوقين في صفوفهم ونسَّبوهم تلقائياً إلى الحزب.
ما أريد قوله أننا لسنا أمام ثنائية “بعثي” و”لا بعثي” بالمعنى الحزبي، بل بالمعنى الثقافي والاجتماعي والنفسي. لقد تحدثتُ عن البعثية بوصفها مزيجاً من الضعف والعنف، حيث يمكن للأب أن يضرب ابنه ويدميه ثم يبكي حزناً على ما فعل من دون أن يفكر ببلسمة جراح هذا الولد ولو بكلمة اعتذار.
اليوم هذا العنف الذي “نتفاجأ” به في سوريا هو عنف غير مستورد، بل إنه الثمرة السامّة للتربية البعثية بمعناها الاجتماعي السيكولوجي وليس الحزبي فقط. كان لنا جار يقوم بعقاب أولاده عبر حرقهم بالمكواة في مواضع حساسة من أجسادهم، فماذا يمكن لهؤلاء الأولاد أن يكونوا عندما يكبرون! البدلة العسكرية التي فرضوا علينا لبسها ونحن مراهقون في المدرسة صنعت جزءاً خطيراً من شخصياتنا غير السوية. عبادة الفرد (الذي كان حافظ الأسد) شوّهت أفكارنا عن الحياة والحرية والسياسة. لا زلت أذكر اضطرابي النفسي حين كنت أُسيَّر وأنا ولد في مسيرات تهتف: “يالله حلَّك حلَّك… حافظ يقعد محلَّك”. لقد كتبتُ “أبي البعثي” لأشفى من المرض المسمّى حافظ الأسد.
السباحة عكس التيار
أنت كاتب إشكالي تثير غبار المعارك الأدبية والإعلامية أينما حللت، وقد أكسبتك هذه الموهبة الكثير من الأعداء… إلى هذه الدرجة تعشق سمك السلمون ونهر العاصي؟
– إذا أردتني أن أجيبك مازحاً فسأقول لك بأنني أعشق سمك الشبّوط ونهر الخابور حيث أمضيتُ هناك في الحسكة معظم طفولتي. أما إذا أردت الجواب الجدّي فسأقول لك بأن قدر أي مثقف متصالح مع نفسه أن يكون عاصياً وسلموناً فيسبح عكس التيار. بخصوص المعارك الأدبية والإعلامية فأنا لا أنكر أنني بطبيعتي شخص سجالي، ولكني لم أفترِ على أحد والدليل أنني “ربحتُ” تلك المعارك إذا جاز التعبير. طوال حياتي لم أكره شيئاً أكثر من السمسرات والمراوغات… لقد كرهتُها في الحياة العادية، فما بالك حين تكون في الثقافة والفكر. سنة 2008 أطلقتُ مجلة “الغاوون” لأنني لم أعد أحتمل كم الرياء والنفاق الموجودَين في الصحافة الثقافية اللبنانية التي كنتُ أعمل فيها، ولم أتردَّد في خوض أي معركة شعرتُ بعدالتها… وهذا سبَّب لي بالطبع عداوات كثيرة مع مافيات الثقافة في لبنان والعالم العربي. لم أتقصَّد يوماً إثارة الغبار، لكن المشكلة أنني أعيش في وسط ثقافي وإعلامي كله غبار.
سوريا بلد بلا صحافة !
* إلى أي حد ترى أن صحافة الثورة قد خرجت من أسر الولاء السياسي واختطت لنفسها كياناً خاصاً يتماشى مع تطلعها لفضاء الحرية؟
– كلُّنا يعرف بأن سوريا هي بلد بلا صحافة منذ نصف قرن، لأن الصحافة التي أصدرها النظام ربما هي تدخل في خانة الصناعة الورقية (كالكرتون ومحارم الكلينيكس) أكثر مما تدخل في خانة الصحافة. لذلك أجد من الطبيعي أن تأتي صحافة الثورة مرتجلة تعتورها الكثير من الأخطاء. وبالطبع هذا ليس إعفاءً لصحافة الثورة من النقد. لكن إذا كان لا بدّ من تسجيل ملاحظة فهي كالآتي: إن صحافيي الثورة في الداخل- رغم ضعف إمكاناتهم وقلة خبرتهم – تمتّعوا بحسّ أعلى من المسؤولية – على الصعيد المهني- من بعض صحافيي الثورة في الخارج.
أما ما تسمّيه “أسر الولاء السياسي” فهذا طبيعي رغم أنه غير صحّي. وأعتقد أن الثورة بدأت تبلور وتفرز في صحافتها.
نحن أمام كائن يفتح عينيه لأول مرّة منذ خمسين عاماً… فحتى نور الشمس يمكن أن يؤذي عينَيه في البداية، سترمش عيون صحافتنا كثيراً قبل أن تستطيع الرؤية بشكل طبيعي وحقيقي.

                     
السابق
تحضير الصفحة 13 من كتاب الفرنسية 3 متوسط
التالي
خرج عمر بن الخطاب الى المسجد الفاعل في الجمله السابقه هو ….

اترك تعليقاً