سؤال وجواب

كم صيغة لأسلوب النهي

كم صيغة لأسلوب النّهي؟ اسلوب النهي احد الأساليب اللغوية التي تُدرس في مدارس المملكة العربية السعودية وكافة المدارس في الدول العربية وذلك ضمن مادة اللغة العربية التي تعتبر من اعرق اللغات حول العالم وتشمل العديد من العلوم ومنها علم القواعد والنحو الواسع ، وكان ضمن اجزاء النحو هي الاساليب النحوية ومن بينها اسلوب الامر , التعجب , النداء , اسلوب النفي , اسلوب النهي وهذا ما سنتناول شرحه في هذا المقال ، حيث نضمن لكم طلابنا الكرام الخروج من هذه المقالة وأنتم مستوعبين درس اسلوب النهي وكم صيغة له ، واسلوب النهي نوعان ( نهي حقيقي , نهي مجازي) والنهي الحقيقي هو كـُل اسلوب يُطلبُ بهِ الكـَف عن الفعل على جهة الاستعلاء والالزام فيكون من جهةٍ عُـليـا ناهيه الى جهةٍ دُنيا مَنهيه ولهُ صيغة ً واحدة ً هي المضارع المقترن بـ(لا الناهيه) , كقولـُك : لاتـُصاحِبْ الاشرار , لا تفـْعَـلْ السوء , لاتكف عن البذلِ والعطاءِ , ومنه قولِهِ تعالى (ولا تـَقـْتِلوا أولادكم خِشيَة املاق ٍ نحنُ نرزِقهـُم وإياكُم) . فقد افادَ النهي في الآية الكريمه طلب الكـَفْ عن قتل الاولاد وصيغتهُ كما ترى هي المضارع المقترن بـ( لا الناهيه) ، اما النهي المجازي فهو الذي يخرج الى اغراض ٍ تـفهم من سياقِ الكلام وظروفهُ وهذهِ الاغراض مما لايُحْصَر لأن ظروف الكلام كثيره ومتنوعه منها :-

1-(الدعــــاء) وذلك عندما تكون تلك الصيغه صادره من الادنى الى الاعلى منه قوله تعالى((ربنا لاتـُآخذنا ان نسينا أو أخطأنا ربنا ولاتحمل علينا اصرآ كما حملتهُ على الذينَ من قبلنا ولاتـُحَمِلنا مالاطاقة َلنا بهِ))
فالمقام مقام ضراعةٍ وخضوع ٍ والمؤمنون يبتهلون الى الله تعالى بهذا الاسلوب على سبيلِ التضرع والتذلل فالمقصودمنهُ هو( الابتهال والدعاء)
وسِـرّ التعبير في صيغةِ النهيّ في مقام الدعاء في الآيه الكريمه هو بيان رغبة هؤلاء المؤمنون في أن يتجلى الله عليهم بالرحمةِ والغفرانِ واظهار كمال ضراعتهم وتذللهم الى الله تعالى الى غيـر ذلك من الآيات التي يتضرع بها المؤمن الى الله (جل وعلا) داعيآ وراجيآ بهذا الاسلوب الذي يصور صدق رغبته وشدة حرصه على ان يحقق الله له دعائه ويجيب طلبهُ .


2-(الإلتماس) وذلك إذا كان النهي من المساوي والنــد بدون استعلاء ولاخضوع ولاتذلل , كقولـُكَ لِنـَظِرُكَ (لاتـَفـْعَل هـذا) , ومنهُ قولِهِ تعالى على لِسان ِهارون يُخاطِبُ أخاه موسى(عليهما السلام):-
(ياأبنَ أمِّ لاتأخـُذ بلِحْيَتي ولا برأسي إني خـَشَيْتُ أن تَقولَ فـَرَقـْتَ بينَ بَني اسرائيل وَلـَمْ تـَرْقـَبْ قولي) , فالنهي في قولِهِ (لاتـَأخـُذ) مُرادٌ بهِ الالتماس لأنه ليسَ فيْهِ استعلاءٌ ولا إلزام ولا تذلـُلْ ولاخضوع ,إذ وُجـِه من هارون الى موسى (عليهما السلام) وهما متساويّان في الـرُتبَه والمنزله فهو يلتمس منه بهذا النهيّ وعدم انزال العقوبه به فقـد خشى ان خـَرَجَ عليهم أن يتفرقوا , قال:(ياابن أمِّ ) , وفي إيتاء التعبير بنسبتِهِ الى (ابن امِّ) على الرغمِ من ان أخاه لأبيه وامه استعطاف لموسى (ع) وترقيق لِقـَلبَهُ والسِـرّ البلاغي وراء التعبير بصيغة النهي في مقام الإلتـماس هو(اظهار حرص هارون على ترقيق قلب أخيّهِ ورغبتهُ القويه الاصيله في العفوّ والتسامُح فقد كان لهُ عُــذرٌ , ومنهُ ايضآ قولُ المُتنبي في سيف الدوله :-
فـلا تـُبَلِغـَاهُ ما اقول فأنه شـُجَاعآ متى يُذكـَرُلـَهُ الطعنُ يُشْتـَقُ
فهو يلتمس من صاحبيهِ ان يكتمَا عن سيف الدوله مايقوله في وصف شجاعته وحُسن بلائهِ في الحروب ,وقـد عَبَرَ بإسلوب النهي في هـذا المقام مقام الالتماس اظهارآ لِشِدَة حُرْصِهِ على كتمانِ هذا الامـر عن سيف الدوله وفي ذلك مافيه من تهويل وتفخيم شجاعتهُ وقوة فـَتكهِ بأعدائهِ .

3- (النـُصُحْ والإرشـاد):- قال تعالى(ياأيُّــهاالذينَ آمنوا لاتسئلوا عن اشياء تـُبدا لكم تسؤكُم), فليس المراد بالنهي عن السؤال في الآيه الكريمه الإلزام وطلب الكف وانما أُريدَ بهِ(النـُصح والارشاد), وقد جاءَ بصيغة النهي رغبة ًفي الاستجابه والامتثال ,ومنه قول ابي العلاء المعري :-
لاتجلـُسْ الى اهل الدنايا فأن خلائق السفهاء تـُعدي وأيضآ قول الشاعـر:-
لاتـَصْحَبَنَّ رفيقآ لست تأمَنـَهُ بـِئـْسَ الرفيقُ رفيق غيرَ مأمون فهو ينصح مخاطبه ويرشده الى الابتعاد عن الرفيق غير المأمون وقد عبر بصيغة النهي لبيان رغبتهُ وحُرْصَهُ على أن يمتثل المخاطب ويستجيب لنـُصحِهِ وارشاده .4- (الحَـثُ على الفعلِ):- كقول الخنساء:- أعـينيّ جودا ولا تجمدا الاّ تبكيانِ لصخر النـدى فهيّ تحث عيناها على البُكاءِ وان يجودا بالدمع وان تنهملا وان لاتبخلا بهِ فأنهما تبكيان صخر الندى والتعبير بالامر والنهي في هذا المقام يظهر شدة حزنها ورغبتها في ان يتحقق ماتريده فتفيض عيناها بالبُكاء وفاءً لحق هذا المقام .

5-(الـتمـنـّي) قالَ الشاعـر:-
يا ليل طـُلْ يانوم زُلْ ياصُبح قِفْ لاتطــْلـَع ِ
فهو يتمنى ان يمتد الليل ويطول وان لايطلع النهار وذلك حتى يطول اجتماعهُ مع حَبيبَته والتحدُث إليها ووقوف الصبح وعدم طلوعِهِ من المُحَال, ولكن الشاعـر لرغبتهِ الشديده في ان يطول الليل خـُيِّلَ إليه أن توقف الصُبْح وعدم طلوعهِ أمْـرآ ممكن فأمـرَهُ بالوقوف في قوله (قِفْ) ونهاهُ عن الطلوع في قولِهِ(لاتطلع) ومرادهُ بهذا التمني ورغبتهُ القويه في مقابلة حبيبتهُ والانصات الى حديثها .

6-(التحقير والاهانه):- قال تعالى ((اخسئوا فيها ولاتـُكلمون)) , فالامر والنهي في الآيه الكريمه يحملان معنى (الاهانه والتحقير) لهؤلاء الذين غـَلبَتْ عليهم شقوتهم في الدُنيا وكانوا قومآ ظالين , ثم جاءوا يوم القيامه يتمنون الخروج من جَهَنـَمْ , قوله تعالى :- (ربَّنا اخـْرِجْنـَا مِنـْهَا فأنّ عُدْنـَا فإِنـّا ظالمون) , فكانت تلك الاهانه (اخسئوا فيها ولاتـُكـَلِمون) . وقول الشاعـر الحُطـَيئه في هجاء الزبرقان بن بدر :-
دَعْ المكارمِ لاترحل لِبُغـْيَتِها وأقـْعُدْ فإنـَّكَ أنتَ الطـَاعِمُ الكاسي
فالمراد بالامر(دَعْ), و(أقعد) والنهي (لاترحل) تحقير المخاطب واهانتهُ واظهار انه ليس أهلآ للكِفاح من أجل المَكارم والمعالي فعليهِ أن يَقـْعد فسيأتيهِ طعامه وكسائه ممن يحسنون ويتصدقون عليه وعلى أمثالهِ .

7-(التــوبيـخ):- قال الشاعـر أبي الاسود الدُئلي :-
لاتنهَ عن خـُلـُق ٍ وتأتي مِثـْلهُ عَارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمٌ
فالمراد بإسلوب النهي(لاتـَنـْهَ) توبيخ لمن ينهى الناس عن الشـَّر والسوء ولاينتهي عنه . 8-(التـهــديــد) كقول الرئيس لمرؤسهُ : لاتطعْ أمري : لاتقلع عن عنادك فهو لايطلب منهُ ترك الامتثال لأوامرهِ وانما يُهَدِدَهُ ويَتـَوَعـَدَهُ , ومنهُ قوله تعالى(ولئن سألتهم ليقولـُون انما كنا نخوضُ ونلعب قـُلْ أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن ولا تعتذروا قد كفرتم بعد أيمانكم) , فليس المراد نهيهم عن( الاعتذار والتوبه) انما المراد التهديد والتحذير حتى يقلعوا عن غـَيِّهـِم وعنادهم ويسلكوا مسلك الحق والهـُدى .

9-(التيـئيـس) قوله تعالى :-(ياأيُّها الذين كفروا لاتعتذروا اليوم إنما تــُجْـزَون ماكنتم تعملون) , فلامعنى لنهيهم عن الاعتذار في ذلك اليوم وانما هو التيئيس واعلامهم انه لن يقبل منهم ولن يلتفت اليهم فليس امامهم الا الجزاءعلى كفرهم,وضلالهم ومنه قول المتنبي في مدح سيف الدوله: لاتطلبَنَّ كريمآ بعد رؤيتهُ انما الكرام بأسخاهم يـدآ خـُتِـموا فقد اراد بالنهي (لاتطلبنَّ) تيئيس المخاطب من ان يصل الى كريم بعد ان رأى سيف الدوله ,ونال كرمه فسيف الدوله اكرمُ الكُرَماء واسخى الاسخياء وقد خـُتِمَ به الكرم ومهما حاول المخاطب ان يعثر على كريم مثله فلن يفلح وفي ها من المبالغه في كرم سيف الدوله وكثرة عطاءه

10-(التفضيع والتهويل) كقولك:- لاتسأل عن فلان وقاك الله شرّ ماأصيبَ بهِ .. تريد ان فلان هذا قد ألمت به الشدائد واحاطت به المصاعب التي لا توصف لشدتها وهولها وفضاعتها , فليس المراد بإسلوب النهي(لاتسأل) طلب الكف عن السؤال عنهُ وانما أريد بهِ التهويل والتفضيع وكأن المتكلم لايستطيع وصفه أوكأن المخاطب لايطيق سماعه أو كأن المتحدث مُشفق على مُخاطبه فلايريد اساءته بأسماعه تلك الاهوال , ومنه قوله تعالى ((لاتسألْ عن اصحاب الجحيم)) , في قراءة من قرأ بالنهي وجزم المضارع المعنى يقول : (لاتسأل عن فرط ماهم فيه من العذاب وماآل اليه أمرهم في النكال فأنه لايستطيع أحد ان يصف لكَ ماهم فيه أو لاتستطيع أنتَ سماعه لفضاعتهُ وشناعتهُ وقد يكون التهويل في النعيم والخير كأن تقول(لاتسأل عن فلان) , وتريد فلان الذي حَلَّ بهِ من الخير والنعيم ما لا يوصف لكثرتهُ ووفرتهُ .

10-وقد ينهى عن الفعل المُقيد بقيد أو موصوفآ بوصف ولايكون الغرض النهي عن الفعل بهذهِ الحال بل النهي عن الفعل مطلقآ ويكون القيد أو الوصف عندئذٍ للمبالغه في التنفير والتحذير كقولك : (لاتضيّع دينك بكسرة خبزٍ , لا تـُضيّع حـق جارك الصالح) ,لاتريد النهي عن ضياع الدين في هذهِ الحال فقط أو عن ضياع حقوق الجار الصالح فقط وكأنك تـُبيح له ان يُطيع دينهُ إذا غلاثمنه وان يضيع حقوق جاره غير الصالح وانما تريد حثه على التمسك بدينه وحفظ حقوق جاره مطلقآ وقد قيدت التضيِّع بكسرة خبز ووصف الجار بالصلاح لانفي ذلك مزيدآ من التنفيّر والتقبيّح والمخاطب عندئذٍ يكون أكثر استجابه وأسرع انقياد ومن ذلك قوله تعالى((ياأيّهاالذين آمنوا لاتأكلوا الربا أضعافآ مضاعفة ً)) , فالفعل المنهي عنه في الآيه الكريمه(قـد قـُيّدَ بقيدٍ) من شأنه ان يبعث عن التنفير في نفس المتلقي ويبرز شناعة الفعل وفضاعته وليس المراد بالنهي عن الفعل المذكور في الحال الذي قـُيّدَ بهِ فقط دون ماعداه وانما المراد النهي المُطلق وقد جيّء بالقيد للتبشيع والتنفير كما قلنا في النهي عن الربا في الآيه الكريمه تجد النهي قد قـُيّد بكونه اضعافآ مضاعفة والمراد النهي عن أكل الربا مضاعفآ أو غير مضاعف ولكنه جيّء بهذا القيد تبشـيعآ للصوره وتنفيرآ للنفوس(المبالغه) فقد أُثر التعبير بالاكل تفضيعآ وتنفيرآ وهكذا نجد الآيه تتناول تحريم الاعتداء(ولا تأكلوا الربا) فالتعبير بالاكل فيها يفيد التفضيّع والتنفير والمراد هو النهي عن الاعتداء على اموال الغير بأي وجه من الوجوه ومما جاءَ على هذه الطريقه في اسلوب الامر قوله تعالى( وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فأرزقوهم منه وقولوا لهم قولآ معروفآ) , فــذو القربى ممن لايرثون وكذلك اليتامى والمساكين يُعْطـَون قدرآ من الميراث في سبيل ارضاء النفس لا على سبيل الوجوب فهذا مماتهاونت به الناس ولم يلتفتوا اليه وهذا القدر يُعطى للفقير والمسكين واليتيم سواءً أحضروا القسمه أم لم يحضروا وقد قيد الامر(فأرزقوهم) بحضور القسمه ليكون ذلك أبعث على العطاء ودافعآ أقوى لترضيةذوي القربى غير الوارعين واليتامى والمساكين واسعادهم والقول لهم قولآ معروفآ .

11-(بيان العاقبه): قوله تعالى (ولاتـَحْسَبَنَّ الذين قـُتِلوا في سبيلِ الله امواتآ بل احياءً عند رَبـِهُمْ يُرزَقون) .
12-(الكراهيه) نحو : نحو لاتـَلتـَفِتْ وأنتَ في الصلاةِ
13-(الإئتِناس) قوله تعالى : (لاتـَحْزَنْ انَّ الله معنا) .

كم صيغة لأسلوب النهي

الاجابة : لأسلوب النهي صيغة واحدة

النهي صيغه واحده هي 🙁 المضارع المسبوق بـ(لا الناهيه) الا ان هناك موازنه بين الامر والنهي : يتفق الاثنان في :-

1- ان يكون لكل واحدآ منهما لابد فيه من اعتبار الاستعلاء
2- انهما يتعلقان بالغير فلا يمكن ان يكون الانسان آمرآ لنفسهِ أو ناهيآ لها
3- انهما لابد فيهما من اعتبار حال فاعلهما لكونه مُريدآ لهما .

                     
السابق
مصادر العقيدة الاسلامية
التالي
عين السرو الجوفية ويكيبيديا

اترك تعليقاً