سؤال وجواب

خلق يبعث على فعل الحسن وترك القبيح

حثنا السنة النبوية الشريفة على خلق يبعث على فعل الحسن وترك القبيح فما هذا الخلق ؟ سنتعرف معكم في مقالنا هذا على خلق يبعث على فعل الحسن وترك القبيح ، حيث ان القرآن الكريم والسنة النبوية علمتنا ان نتصف بالأخلاق الحميدة ومنها الصدق والأمانة والتقوى والورع وغض البصر، وغيرهم من الصفات التي إذا ما وُجدت في المسلم أعلت من شأنه وقوَّمَته، ولكن إذا أراد العبد المؤمن أن يُكمل إيمانه ويُزينه، فلابد من أن يتحلى بذلك الخلق الذي يحثه على فعل الحسن وترك القبيح ،وهذا الخلق خصه رسولنا الكريم عن سائر الصفات التي يجب على المسلم التحلي بها ، حيث قال صلى الله عليه وسلم “إن لكل دينٍ خُلُق، وخُلُق الإسلام الحياء” رواه بن ماجة، وصححه الألبانيّ.

ما هو خلق يبعث على فعل الحسن وترك القبيح

ومن حديث الرسول اعلاه نستنتج الاجابة على السؤال المطروح من قبل الطلبة ما هو الخلق الذي يبعث على فعل الحسن وترك القبيح ، وهو خلق الحياء .


والحياء هو أَمارة صادقة على طبيعة الإنسان، يكشف عن قيمة إيمانه ومقدار أدبه. وهذه الخصلة لجامٌ يردع النفس عن شهواتها، ويصدّها عن قبيح مطالبها، ويمنعها من الطغيان ومجاوزة الحدود، ويردّها إلى الحقّ والعدل والإنصاف ، ولذلك حثّ الإسلام على التحلّي بهذا الخُلُق الرفيع ووصّى به نبيّنا صلى الله عليه وسلم، وجعله أصلاً لكلّ خير وفضيلة، وعصمةً من كلّ شرّ ورذيلة. قال صلى الله عليه وسلم:«الحياء لا يأتي إلاّ بخير» متفق عليه، فالذي يمرّ بخياله فعل الفاحشة فيمنعه حياؤه من اجتراحها، أو يسبّه شخص فيمنعه الحياء من مقابلة السيّئة بمثلها، أو يضمّه مجلس فيُمسك الحياء بلسانه عن الكلام في ما لا يَعنيه أو الخوض فيما لا يُجديه، الذي يكون للحياء في نفسه هذه الآثار الطيبة، يكون ذلك دليلاً على حُسْن خُلُقه وكمال إيمانه.

وإنّ أعلى درجات الحياء ما كان ناشئاً عن الشعور برقابة الله عز وجلّ، وعظيم حقِّه علينا، لأنّ صاحب الحياء يخجل من إغضاب الله، أو إيذاء النّاس، ويذوب خجلاً من هَتْك حجاب الفضيلة، أو ولوج أبواب الرذيلة… يراقب ربّه، ويحاسب نفسه، ويعمل لآخرته قبل أن يعمل لدنياه، قال صلى الله عليه وسلم: «استحيوا من الله حق الحياء»، قلنا: إنّا نستحيي من الله يا رسول الله والحمد لله، قال: «ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وَعَى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبِلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء» رواه أحمد والبيهقي.
إن الحياء بهذا الشمول هو الدين كله، فكيف لا يستحيي المسلم من خالقه؟ وكيف لا يَوْجل إذا أساء إلى ربه صاحب الحق العظيم عليه الذي تغمره نِعَمه وآلاؤه؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا وأسوتنا، وقد جاء بالحياء المحمود في جميع أحواله وأقواله وأفعاله، وكان أشدَّ حياء من العذراء في خِدْرها، وكان إذا رأى شيئاً يكرهه عُرف في وجهه لما يبدو عليه من أثر الحياء والخجل، وكان صلى الله عليه وسلم أرقّ الناس طبعاً، وأنبلهم سيرة، لا يُشهّر بمن ارتكب خطأ أو معصية، أو يوبخه على مرأى من الناس، بل كان يقول: «… ما بال أقوام يقولون كذا وكذا؟» رواه أبو داود، بل ورد عنه صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله حَيِيٌّ سِتّير يُحب الحياء والستر» رواه أبو داود. حتّى إنّه سبحانه وتعالى يكره من العاصي أن يجاهر بمعصيته، يعصي بالليل ثم يخرج بالنهار فيخبر بها الناس، قال صلى الله عليه وسلم:
«كل أمّتي معافى إلاّ المجاهرين» رواه البخاري.
ومع كون رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ الناس حياءً، فإنّه ما ترك النهي عن المنكر، ولا أقرّ باطلاً، ولا سكت على خطأ، فإذا رأى حقاً لله يضيع أو حدوداً تُنتهك غضب غضباً شديداً لا يقوم له أحد.
إنّ المرء إن مزّق حجاب الحياء عن وجهه ذهبت أخلاقه أدراج الرياح، فلا يستحيي من دَنِيّة، ولا يخجل من رذيلة، لا يعرف إلا ما يُغويه ويُغريه، يقترف ما أراد وإن كان في ذلك هلاك العباد وخراب البلاد؛ لأنه رقيع صفيق يصدق فيه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم:
«إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت» متفق عليه.
فأين الحياء اليوم؟ وأين الفضيلة والشرف؟ وأين الشهامة والمروءة؟ أين الغَيْرة على العرض والغضب لمحارم الله التي تنتهك؟ لقد جف ماء الحياء واللهِ عن أكثر الوجوه منذ حلّت الخلاعة والميوعة والدياثة وماتت الرجولة، رُفع الحياء من وجوه الرجال والنساء، فالرجال أصبحوا لا يأنفون من تعاطي المنكرات والقبائح، نساؤهم تخرج إلى الشوارع كاسيات عاريات، مائلات مميلات بوقاحة وفجور في أبشع صور الذل والمهانة دون وازع ولا رادع ولا حياء؛ مع أن المرأة المسلمة هي الأجدر بأن تكون حَيِيّة مهذبة، وإن الحياء والحجاب عندها طاعة لله واستجابة لأمره سبحانه، إن الحجاب دِرْعها الحَصين، ورائدها وعنوانها، ورمزُ عزتها ووَقارها، وإنّ جمال المرأة في روحه وحقيقته هو في حيائها وأدبها وأخلاقها وطول صمتها وكثرة ذكرها وعدم مجادلتها للرجال… قبل أن يكون في شكلها وقامتها، وإن الحجاب عُنوان لهذا كله في لباسها.
فما أحرانا أن نتخلق بالحياء، الحياء الذي يتفجر من جوانب النفس المؤمنة، الحياء الذي يطهِّر المشاعر ويهذِّب الخواطر ويسمو بالإحساس، الحياء الذي يصون من الانهيار والتهور والسقوط والتدهور، ما أحوجنا إلى الحياء الذي يجعل المؤمن يعيش في جَنابٍ رَضِيّ، وجَوٍّ نَدِيّ، وقَرار مكين، وملاذٍ أمين، لنكون ممن قال فيهم نبينا صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم… وببيت في أعلى الجنة لمن حَسُن خُلُقه» رواه أبو داود.

 

 

                     
السابق
ما هو المعادل في ببجي ؟
التالي
يستحب القنوت في الوتر بعد ؟

اترك تعليقاً