سؤال وجواب

حرص الاسلام على تقوية العلاقات من خلال الكلمة الطيبة؟

حرص الاسلام على تقوية العلاقات من خلال الكلمة الطيبة؟

 

لكلمةُ الطيبةُ جوازُ سفر إلى القلوب، يهَشُّ لها السمع، وتُسر بها النفسُ، وينشرح لها القلب، فتُبقي فيه أثرَها الطيب، وتنشر فيه أريجها الفواح، وتوتي أكلها كل حين؛ توثيقَ أواصر، وتقويةَ روابط، وتعزيزَ وشائج، ونشرَ وئام. ورضوانٌ من الله أكبر.   وهي شجرة وارفة الظلال، مثمرة يانعة، ضربت في باطن الأرض جذورَها، وتمددت في الآفاق أغصانها وفروعها؛ قال الله تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}[إبراهيم: 24 – 25].   وبالكلمة الطيبة تنال مطالب الآخرة فهي أسهل طريق لجني الحسنات، ورفع الدرجات، وحط السيئات، ودخول الجنات؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {والكلمة الطيبة صدقة}[1].   فبالكلمة الطيبة تحصل الرغبات كلها، فكم قربت بعيداً، ويسرت صعباً، وذللت عسيراً، وفتحت أبواباً، وعبدت طرقاً، وهيأت أسباباً، وبلغت غايات لا تبلغ إلا بشق الأنفس.   تنساب انسياب الهواء، فتعطر الأرجاء، وتطيب الأنحاء، وتلطف الأجواء، وتصعد إلى السماء، تجاوز السحب، وتشق الحجب، مشتاقة لربها، وإليه مستقرها ومستودعها؛ قال الله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر: 10].   يسيرة على المتقين، فقد نشرت في بحورهم شراعها، وألقت عليهم رياحها، فطابت بها صدورهم.   والكلمة الخبيثة بعكس ذلك، تمجها الآذان، ويظلم منها الوجدان، وتورد النيران، وتفرق الإخوان، كم أغلقت باباً، ووضعت حجاباً، وقطعت أسباباً، وفرقت أحباباً، وأسخطت الخالق، وأوردت المهالك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم»[2].   والكلمة الخبيثة كشجرة خبيثة، قريبة جذورها، قصيرة فروعها، مُرة ثمارُها، قد بلغ بها السُّوسُ كلَّ مبلغ؛ فلا تنتفع برِي ولا سَماد، كالوتد والحجر لا حياة فيهما؛ رآها صاحب البستان على ذلك الحال فاجتثها فهوت في النار تستعر، قال الله تعالى في شانها: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ}[إبراهيم: 26].   وعوداً إلى الكلمة الطيبة مبدأ الحديث، فقد حدث أن وجّه لنا الأخُ الشريف المقيم بالجزيرة من أقاليم السودان، دعوةً بمناسبة زواج أخيه، فبلغتنا وقد اكتنفها الخطأ، فأخلفنا موعده بغير ملكنا، وجئنا تالي يوم السعد، فما إن رآنا حتى هش وبش، وأقبل علينا مرحبا، ولم يلبث أن جاء بكبش حنيذ فقربه إلى ضيوفه، وعبارات الترحيب تنبعث من لسانه فيفوح أريجها معطراً القرية الخضراء.   وأكثرَ أخونا الشريف من الأسف إذ لم نحضر يوم الفرح لخطأ مُبلِغنا، فكانت إجابتنا الدعوة قضاء لا أداء، فمازحه أحدُنا قائلاً: حق لك الأسف فالخرفان ليست رخيصة هذه الأيام، يعني بهذا أن أسف الشريف على ذبيحته لا على تأخرنا عن العرس، فلم يشرق الشريف بهذا المزاح الثقيل، وأجاب بتلقائية قائلاً: لو أتيتم يوم العرس فالذبيحة الخاصة بكم واجب عليّ، وإنما أردت أن يراكم المدعوون ليعرفوا بأي صحبةٍ صالحة أنعَم.

                     
السابق
كيف يستطيع الشخص المصاب بالصرع العيش بصورة طبيعية؟
التالي
علل المستحاثات في الصخور الاستحالية غير مفيدة في تقدير عمر الصخور؟

اترك تعليقاً