اخبار حصرية

تلخيص محور الخصوصية والكونية بكالوريا آداب

المحتويات

تلخيص محور الخصوصية والكونية بكالوريا آداب

مفهوم الهوية:
تفيد دلالة الهوية بداية ما به يكون الشيء نفسه، وتدل الهوية بذلك على الميزة الثابتة في الذات وما يجعل منها متطابقة مع ذاتها.
يحيل المفهوم “الهوية الثقافية”على منظومة القيم والعادات والتقاليد واللغة والمعتقدات والتاريخ المشترك والتطلع الموحد للمستقبل لمجموعة بشرية.
تمثل الهوية الثقافية الإطار والمرجع الذي يوجه سلوك الفرد ويحدد اختياراته وعقائده بما يكسب وجوده دلالة ومعنى. وتمثل هذه الهوية الثقافية أساس وحدة المجتمع وتماسكه بما تكرسه من تماثل في الهوية التي يحملها كل فرد.
تتشكل في الفرد انطلاقا من هذا الانتماء الثقافي مشاعر الاعتزاز والفخر بالثقافة التي ينتمي إليها. ويمثل فقدان الثقة واليقين في قيمة الهوية الثقافية التي ينتمي إليها حصول أزمة هوية تتمثل في غياب مرجعية واضحة لاتخاذ القرارات خاصة الأخلاقية والقيمية.
* الخصوصية الثقافية: كل ثقافة تحمل خصوصية و هوية ثقافية تميزها عن بقية الثقافات وهو ما يتجلى في خصوصية منظومة القيم التي تشكلها ، بما يجعلها مختلفة ومتمايزة عن بقية الثقافات الأخرى وهو ما يتجلى في خصوصية القيم الأخلاقية والعادات والتقاليد والعقائد واللغة والتاريخ . وترتبط الخصوصية الثقافية بالإضافة لمشاعر التمايز والاختلاف بمشاعر الانتماء والاعتزاز بالانتماء لهذه الثقافة .

موضوع عن فلسفة محور الخصوصية والكونية بكالوريا آداب

لا يكون الإنسان إلا بهويته و لا تتشكل الهوية إلا عبر جهد جماعي يقوم به عدد من الناس لكن هذه الهوية تظل فقيرة و تنحرف به نحو التعصب و الانغلاق إذا لم تنفتح و تعترف بحق الآخر في الوجود و الاختلاف و التنوع لكن كما يمثل التعصب لهوية ما خطرا ينتهي بنفي الآخر و تهميش الغيرية و تحويل العلاقة بين البشر إلى علاقة صراع فإن الاتصال بالثقافات الأخرى قد يمثل تهديدا لهوية ثقافية حين تصير صورة الذات ظلا للآخر منبهرة و مشدودة لإنجازاته فتقف عاجزة عن الإبداع و يتحول كيانها بلا خصوصية تشدها إلى الأصل و بلا مشروع  كوني تُقبل به على الآخر و تندمج معه في بناء هذه الكونية.

إن هذا التوتر هو الذي يبرر طرح مشكلة العلاقة بين الخصوصية و الكونية وهو كذلك الذي يجعل من العلاقة بين العالمية و العولمة ميدان استقطاب و تجاذب، فكيف السبيل إلى الانخراط في الكوني ؟ و ما الحاجة إليه أصلا طالما أن كل فرد يحوز على خصوصية معينة ؟ و لماذا مثل ظهور العولمة إحراجا كبيرا لهذا الانخراط ؟ و ما هو الطريق الذي ينبغي أن تسلكه البشرية للتحرر من التأثيرات السلبية و الانعكاسات الخطيرة للعولمة ؟

يعتقد البعض أن الكوني والعالمي والعولمي معاني متشابهة ومصطلحات متجاورة مثلما يتجاور العالم والكون ومثلما تكتسح العولمة الكون ترتبط بالكلي و لكن الواقع يثبت أن مثل هذا التشابه خادع و أن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير و أن مثل هكذا كلام هو شعارات براقة.


إذ صحيح أننا نعيش تطلع جميع الثقافات إلى الكوني و نموت من فقدان كل خصوصية وصحيح أيضا أن الكوكب يشهد انتشارا عالميا لكل شيء وعلى امتداد أي شيء ولكن صحيح أيضا أن الكوني في طريقه إلى التلاشي و أنه ثمة اختلاف بين الكوني والعالمي والعولمي وأن الكوني قد تعولم وأن العولمي ذي اتجاه واحد لا محيد عنه وأن الكوني يهلك في العولمة.

لقد أكد جان بودريار أن الذي يحدث اليوم في المعمورة من تحولات هو عبور من الكوني إلى العالمي عن طريق العولمي فما المقصود بذلك ؟ و لماذا نبه هذا الفيلسوف إلى خطورة الموقف ؟ هل يعني أن الكوني اختفى ولم يعد له أي أثر؟

يرى تودوروف أن روح الأنوار متكونة من ثلاثة أبعاد: التحرر والاستقلالية بالنسبة للفرد والغائية الإنسانية لأفعالنا والكونية ويعبر عنها على النحو التالي: “إن الانتماء إلى الجنس البشري أي إلى الإنسانية بما هي صفة كونية هو أكثر أصالة من الانتماء إلى هذا المجتمع أو ذاك” وعلى هذا الأساس يكون مطلب الكونية بمثابة الحد الذي تقف عنده ممارسة الحرية و يكون المقدس الذي غادر مجال الاعتقاد و رفات القديسين مجسدا مستقبلا في حقوق الإنسان.

وإذا تقرر أن لكل الكائنات البشرية مجموعة من الحقوق المتماثلة فإنه يترتب عن ذلك أنها متساوية في الحقوق ومعنى هذا أن مطلب المساواة نابع من الكونية.

و من الكونية انبثقت ضروب من الكفاح ما تزال متواصلة إلى اليوم كالكفاح من أجل أن تكون النساء مساويات للرجال أمام القانون وأن يلغى الرق وأن لا يشرع أبدا للتصرف في حرية أي كائن بشري وأن يعترف بكرامة الفقراء والمساكين والمهمشين وأن ينظر إلى الأطفال باعتبارهم أشخاصا بأتم معنى الكلمة.

أثار هذا الإقرار بكونية الإنسان الرغبة في التعرّف على مجتمعات أخرى غير تلك التي يولد فيها المرء. من هذا المنطلق يرتبط الكوني بحقوق الإنسان والحريات والثقافة والديمقراطية عكس العولمي فهو عولمة التقنيات والسوق والسياحة والإعلام.

لقد امتلك الكوني بما هو ثقافة المتعالي والذات والمفهوم والواقعي حظه التاريخي عندما عمل على إدماج الخصوصيات مع الإبقاء على اختلافها ضمن الكل المشترك كاختلافات لكن لم يعد من الآن فصاعدا ينجح لأن العولمة كفضاء للافتراضي والرقمي والمحايث والمرئي انتصرت عليه وقضت على كل الفروقات ولم  تبق إلا خصوصية واحدة مهيمنة هي ديانة توحيدية جديدة هي ديانة السوق. إن الكوني كان فيرال جميلة يطمح أن يعانقها كل خصوصي ولكن عندما حاولت العولمة أن تحققه في العالمي انتحر كفيرال وكغاية مثالية وتحول إلى وسيلة تعبئة وآلة للصهر والإدماج لا غير.

في هذا السياق يقول تودوروف: “فالقرن العشرون بصفة خاصة الذي شهد مجازر حربين عالميتين وقيام أنظمة شمولية في أوروبا وخارجها بالإضافة إلى ما أدت إليه الاختراعات التقنية من دمار وتقتيل. بدا وكأنه يسفه نهائيا جميع الآمال المعبر عنها في الماضي مما دفع الكثيرين إلى الكف عن الانتساب إلى الأنوار وصارت الأفكار التي تتضمنها كلمات من قبيل إنسية، تحرر، تقدم، عمل وإرادة حرة فاقدة لكل اعتبار”.

إن الحياة وهبت للعولمة على حساب موت الكوني ونقيضه الخصوصي ورديفه العالمي ولكن هناك من يموت من خصوصيته عندما تتحول إلى عالمي وهناك من يموت لفقدان خصوصيته عندما تتعولم وتفقد رغبتها في التطلع إلى الكوني زد على ذلك أن العولمة هي اختراق للعالمية و تمييع لها بإقصاء الخصوصيات الثقافية عكس العالمية فهي إغناء للهوية الكوكبية بالاعتراف بالخصوصيات وتحقيق التفاعل بينها.

العولمة:

من البين أن العولمة هي النموذج الذي يرى أن اقتصاد السوق الحر هو المهيمن على العالم وأن الرأسمالية هي ديانة البشرية و أن المركزية الثقافية تركت مكانها للنسبية الثقافية  أما العالمية فهي جماع تفاعلي و تثاقف و نزوع يعتبر التنوع و التعدد و الاختلاف أمور ضرورية بالنسبة إلى بناء الحضارة الإنسانية ويدعو إلى التفاعل بين مجمل الثقافات والحوار بين الأديان والتكامل بين المجتمعات ويخاطب إنسانية الإنسان والقيم المشتركة بين الناس.

تشير العولمة إلى ثلاث عمليات حدثت على مسرح التاريخ الأممي:

زيادة حجم التبادل بين المجتمعات سواء تمظهر ذلك على شكل تجارة أو رأس مال أو حجم العملات المتبادلة أو حركة السياح والمهاجرين.

تخفيض الحواجز وإلغاء دور الحدود بين المجتمعات والدول وتطبيق مبدأ دعه يعمل دعه يمر على الاستثمار و فتح الأسواق و إزالة الأداءات الجمركية.

زيادة التجانس بين الدول و المجتمعات و تفعيل التقارب بين الثقافات.

العولمة تعني:

على الصعيد الاقتصادي:

تحرير التجارة وزيادة حركة تدفق رأس المال عبر الحدود.

على الصعيد السياسي:

هي زيادة التنسيق بين الحكومات والإيمان بفيرال المواطن الكوني وفي الوقت نفسه زيادة التنسيق بين المجموعات غير الحكومية عبر الحدود والإيمان بفيرال المجتمع المدني العالمي.

على الصعيد الثقافي:

فتعني زيادة التفاعل بين الثقافات وتجاوز سيطرة الدولة أو السلطات الثقافية الراسخة وترافق الثورة التكنولوجية والأنترنت المرتبطة بعلاقات عابرة للزمن والفضاء والهوية.

لكن هل العولمة قدر؟ متى و كيف ستنتهي العولمة ؟ بل و على أيّ أساس و معيار يمكننا أن نحكم أنّها انتهت ؟

إن العولمة ستظل تشير إلى هيمنة أقلية الدول الغنية على بقية العالم الذي يتكون من دول فقيرة و في طريقها إلى النمو وإنها ستعمل دوما على ربط دول الأطراف بدول المركز بشكل يقوي من التبعية ويزيد من التطور اللامتكافئ. إن أهم نتيجة للعولمة هي تفجر العنف من طرف العالمي نتيجة خلقه لعدوه و دخوله معه في صراع ضار من أجل الاحتواء ورد الطرف المقابل الفعل في حركة لا تنتهي.

لقد أدى اشتعال الحرب إلى إرباك في مستوى علاقة الثقافات بقيمها وإلى لجوئها إلى منطق الثأر والانتقام من كل ثقافة تدعي العالمية وفقدانها لأية صلة تربطها بالكلي. في هذا السياق يصرح فريد هاليداي: “إن هناك حاجة إلى أن نكون نقديين و قلقين إزاء الرفض المعاصر للكونية فالاحتفاء بالجماعات وما يرافقه من مزاعم حول الشرعية التي يتمتع بها هذه الجماعات والسلطة المنسوبة للفئة التي تسيطر عليها تنطوي على مخاطر سياسية و أخلاقية”.

الكونية:

أما الكونية بمعناها الأصلي فهي نوع من العالمية التي تعني التخاصب والتفاعل بين الثقافات الإنسانية وهو تفاعل وتخاصب يعتمد على مبدأ التوازن والتكامل والتكافؤ ويهدف الى إغناء التجربة الثقافية الإنسانية وتأصيل قيمها المشتركة.

ومن هنا فإن الكونية مطمح الإنسانية ومجال لالتقاء وحوار الثقافات تستند لثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية والمواطنة ولتحقيق الكونية الجذرية لا بد من توفر جملة من الشروط أهمها الانفتاح والاعتراف والقبول بالاختلاف و المحافظة على التنوع واستثمار التعدد والإيمان بالتسامح والابتعاد عن العنف والتخلي عن التعصب والعزلة والانطواء. وقد عبر عن هذا الرأي كلود ليفي ستروس عندما صرح: “إن الحضارة تفرض تعايش ثقافات متنوعة إلى أقصى حد وتقوم هي بالذات على هذا التعايش. إذ لا يمكن للحضارة العالمية أن تكون شيئا آخر على المستوى العالمي غير تحالف للثقافات التي تحتفظ كل واحدة منها بخصوصياتها” .

إن الحوار يسمح بإدماج الخصوصيات في البعد الكوني و تحقيق التلاقح بين الهويات من أجل تشييد الهوية المركبة ويقتضي مبدأ المثاقفة أن نفتح الإنية على الغيرية وأن يكون الأنا وجها لوجه مع الآخر وأن يتعايشا على الرغم من التنافر بينهما لأن التمايز عن الآخر يقتضي منحه الاعتراف بكرامته وخصوصيته الثقافية والقبول به كآخر والتواصل معه انطلاقا من القيم الإنسانية المشتركة مثل العدالة و الحرية و المساواة.

من هذا المنطلق يمكن تصور كونية جذرية تتسم بالواقعية وجوهر هذه الكونية ليست نتاج الفكر الغربي بل هي إفراز للفكر البشري عموما الذي ساهمت فيه و كل ثقافات العالم سواء الآن أو عبر القرون الماضية و لا تزال تساهم فيه عبر مسار معقد من التفاعل و التلاقي التوليدي، لكن التحدي الذي يطرح هنا هو كيف انحرفت الكونية من مجال القيم الإنسانية إلى مجال لتبرير الهيمنة و الاستعمار لتصبح شكلا من أشكال العولمة ؟ أَوَليست الكونية بهذا المعنى هي خصوصية مُكوْننة خاصة في عصر تسيّدت فيه عالمية الغرب بمقتضى مركزيته الذاتية المنتفخة والمتورمة؟ ألم يدعو “صاموال هنغونتون” إلى صدام الثقافات باعترافه أن القرن الجديد قد يشهد صراعات دموية وقد تنشأ صراعات أخرى داخل الحضارة ؟ ألم يبين أن “الكونية الغربية على بقية العالم لأنها قد تكون مصدر حرب بين الدول المشعة في حضارات مختلفة” و لأن الفيرال التي تدعو المجتمعات الأخرى إلى تبني النموذج الغربي في التقدم والحداثة هي فيرال لا أخلاقية مرتبطة بالنفوذ و إرادة الهيمنة و بالتوسع العالمي للحضارة الغربية ؟ ثم لماذا أعلن “فوكوياما” نهاية التاريخ وظهور الإنسان الأخير وانتصار نموذج الدولة الليبرالية الديمقراطية الأمريكية ؟ ألا تعني العولمة في نهاية أمركة العالم ؟

خلاصة القول:

أن الكونية Universalisme هي الذهاب من الخصوصية إلى معانقة ما هو مشترك من قيم بين الإنسانية وهي أفق للبشرية وحلم الثقافة الإنسانية يستند إلى مقولات التقدم والعقل والتضامن والحداثة.

أما العولمة   Mondialisation فهي على حد عبارة ريتشارد رورتي من ابتكار الشعوب الغنية بهدف التستر على مصالحها السياسية أي أنها تقوم على اجتياح الثقافات الأخرى و تمكن القوى الكبرى من السيطرة على بقية الدول سيطرة اقتصادية وسياسية وثقافية.

لكن رغم ذلك يظل الباب مفتوحا لتأمل البشرية في بناء عالمية Cosmopolitisme تعبر عن التنوع الثقافي وتحقق الاعتراف العادل والمتبادل بين الخصوصيات بحيث تنفتح على بعضها البعض مع احتفاظها بتنوعاته والإيمان بمجموعة من القيم المشتركة مثل حق الضيافة والاعتراف بالآخر و تأسيس علاقة حوارية بين الأديان والثقافات في إطار من الاندماج والعيش المشترك.

يقول “بول ريكور” حول هذا الموضوع: “إن الإنسانية باعتبارها جسما واحدا تدخل ضمن حضارة كونية واحدة تمثل في الآن نفسه تقدما عظيما للجميع و مهمة جسيمة لبقاء التراث البشري وتكيفه مع هذا الإطار الجديد. إننا نحس كلنا و إن بدرجات متفاوتة بوجود توتر بين ضرورة هذا المرور و هذا التقدم من ناحية ومطلب الحفاظ على موروثنا من ناحية ثانية”. حول ضرورة تعدد الثقافات وتواصلها من أجل بناء حضارة بشرية واحدة حينما يكتب باسكال: “يمكن اعتبار الإنسانية كلها كإنسان واحد يتعلم ويتذكر باستمرار” فإن عبارته هذه تعني…

إذن وحدة النوع البشري مجردة خالصة عقلانية تستتبعها جميع التمظهرات الأخرى للحضارة الإنسانية. هذا ما رآه تودوروف عندما قال: “أما إذا تجاوز الأمر حدود البلد الواحد فإن الكونية تكتسي معنى آخر فكما أن سكان بلد ما ينبغي أن يرقوا جميعا إلى مستوى المواطنة ينبغي كذلك اعتبار جميع سكان المعمورة من الوهلة الأولى كائنات بشرية بأتم معنى الكلمة لأن ما يجمع الناس أكثر مما يفرقهم” مدار الأمر عندنا أن ثمة وحدة إنسانية وثمة تنوع إنساني وأنه توجد وحدة إنسانية بقدر ما يوجد تنوع إنساني” وأنه علينا أن نتصور وحدة تضمن التنوع و تميزه وأن نتصور تنوعا ينخرط في وحدة” وكما قال إدغار موران وحدة مركبة و خلاقة تجعل التنوع يعيد إنتاج الوحدة والوحدة تحافظ على التنوع.

زد على ذلك أن الكونية كمطمح إنساني و حضاري أصبح الكل يريد بلوغها سواء كان فردا أو مجموعة من أجل الانخراط في العالمي والمساهمة في مسار التقدم والتحديث والعصرنة التي تعرفها البشرية على مر تاريخها لأن البشر مواطنوا عالم واحد ولكون شبح العولمة بدأ يخيم على الآفاق وبدأ يهدد الكوني بالاندثار لأن التشبث بالخصوصي قد حوله إلى منطق للاستبعاد وإهماله قد أدى إلى إهلاك الكوني. عندئذ ” ليست الكونية مسؤولة عن الصورة التي يمكن أن نشكلها لأنفسنا فحسب بل هي تفتح إمكانا لمشروعية جديدة في هذا العالم الذي لم يعد فيه الخير و الشر أن يبقيا قائمين على كلمة الرب ولا على الدروس المستقاة من التقاليد”.

فهل مازال الوقت مناسبا للحديث عن الأممية والعالمية في ظل عصر نعجز فيه عن تحقيق التماسك والاستمرارية والتطورية لوطنيتنا القطرية؟ فهل يكفي تأسيس دستور سياسي كوني ونكلف هيئة أممية بحمايته وتطبيقه حتى تدخل كل دول العالم في علاقات سلمية دائمة ومتبادلة وتضع حدا لحالة الحرب التي دأبت البشرية على معايشتها؟ أليست أكبر مشكلة تعاني منها البشرية اليوم هي كيفية إيجاد عالمية ترتكز في قوامها الوجودي على احترام مبدأ الحق الكوني؟ ما هو دور الفيلسوف الديمقراطي في عصر العولمة؟ ألا يتطابق مع المثقف الكوني الذي يتخلى عن خصوصيته و يتصرف وفق مبادئ كلية محافظا على التنوع كما يرى هيجل ؟ فهل يكون المثقف الكوني هو الطرف الفاعل في زمننا الذي يتميز ببروز ثلاث حتميات تمنع كل مبادرة فردية وهي حتميات السوق الجينوم البشري والصفائح الالكترونية ؟ فكيف يواجه هذا المثقف لوحده جحيم العولمة ويعيد للكوني اعتباره في ظل عالمية بديلة دون أن يهمل تنمية الخصوصيات؟ ماهي الشروط التي ينبغي أن تتوفر حتى نحصل على كونية منفتحة على التعدد ؟

                     
السابق
ماذا يوجد في جيب كاسيميرو ؟
التالي
تلخيص نص وادي الحياة للسنة الخامسة ابتدائي

اترك تعليقاً