سؤال وجواب

من أدلة نعمة الهداية إلى التوحيد

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصَفِيُّه وخليله، وأمينه على وحيه، ومبلغ الناس شرعه؛ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

من أدلة نعمة الهداية إلى التوحيد

أما بعد:


معاشر المؤمنين، عبادَ الله، اتقوا الله – تعالى – وراقبوه مراقبة مَن يعلم أنَّ ربَّه يسمعه، ويراه – عباد الله – إن أجلّ نِعَم الله، وأعظم مِنَنِه على عباده هدايته – تبارك وتعالى – من شاء من عباده إلى هذا الدين الحنيف إلى دين الإسلام، دين الله – تبارك وتعالى – الذي رضيه لعباده دينًا، فهذه النعمة العظمى، والعطية الأجل – عباد الله – يقول الله – تعالى – في التنويه بهذه النعمة وبيان عِظَم مكانتها، وأنها مِنَّتُه – سبحانه – على من شاء من عباده؛ يقول – جلَّ وعلا -: ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الحجرات: 17]، ويقول – جلَّ وعلا -: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ [الحجرات: 7]، ويقول – جلَّ وعلا -: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 21]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

من أدلة نعمة الهداية إلى التوحيد

عباد الله:

إن هذه النعمة، نعمة الإسلام التي هي أجل النعم عَظُم شأنها، وكَبُر قدرها؛ لأن الإسلام هو دين الله، دين الله – تبارك وتعالى – الذي رضيه – عز وجل – لعباده دينًا، ولا يقبل منهم دينًا سواه؛ يقول – جلَّ وعلا -: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، ويقول – جل وعلا -: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]، ويقول – جلَّ وعلا -: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، ويقول – جلَّ وعلا -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ [البقرة: 208]؛ أي: في الإسلام.

 

عباد الله:

إن من أكرمه الله – عز وجل – وحباه بهذا الدين، وجعله من أهل الإسلام – عليه أن يعرفَ لهذه النعمة قدرها، ويرعى لها مكانتها حِفْظًا ومحافظة ورعاية لهذا الإسلام، وعناية به من كل ما ينقصه أو يناقضه؛ من الأعمال الباطلة، والمخالفات السيئة، وفعل الحرام، والآثام – عباد الله – وإن من أعظم واجبات أهل هذا الدين أن يعرفوا الإسلام، ويعرفوا تفاصيله وشرائعه وحقيقته؛ لأن أعظم عون للإنسان في محافظته على إسلامه أن يعرف الإسلام وحقيقته، وأن يعرف شرائعه وتفاصيله على ضوء ما جاء في كتاب الله وسُنَّة نبيِّه – صلى الله عليه وسلم.

 

معاشر المسلمين:

الإسلام عقائد صحيحة يُعمر بها قلب المؤمن إيمان بالله – عز وجل – وإيمان بكل ما أمر – تبارك وتعالى – عباده بالإيمان به؛ ﴿ قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 84 – 85].

 

فالإسلام بمفهومه العام الشامل يشمل عقائد الدين التي تعمر بها القلوب من الإيمان بالله، والإيمان بملائكته وكتبه، ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وفي المسند للإمام أحمد – رحمه الله -: “أن رجلاً سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – أيُّ الإسلام أفضل؟ قال: ((الإيمان، قال: وما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه ورسله، وأن تؤمن بالبعث بعد الموت))؛ حديث حسن.

 

عباد الله:

والإسلام يقوم على طاعات زاكية، وعبادات عظيمة يفعلها العبد متقرِّبًا بها إلى الله – جل وعلا – منقادًا مستسلمًا مُذعنًا لله، خاضعًا لجنابه – سبحانه – وأعظم طاعات الإسلام، وأجلها مباني الإسلام الخمسة التي بيَّنها النبي – صلى الله عليه وسلم – في أحاديث متكاثرة؛ منها حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((بُنِي الإسلام على خمس؛ شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج بيت الله الحرام إن استطعت إليه سبيلاً)).

 

عباد الله:

الإسلام صلاح في الظاهر والباطن، باطن الإنسان، وهو قلبه يستسلم لله – جلَّ وعلا – ويخضع لجناب الربِّ – سبحانه – ويذل وينكسر بين يديه، وجوارح العبد تنقاد مستسلمة لله مُطيعة له مُمتثلة أمره – عز وجل – جاء في المسند للإمام أحمد بسند ثابت عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جدِّه، قال: قلتُ يا رسول الله: “ما الإسلام؟ قال: ((أن تسلم قلبك لله، وأن تولي وجهك إلى الله، وأن تصلي الصلاة المكتوبة، وأن تؤدي الزكاة المفروضة)).

 

فجمع – عليه الصلاة والسلام – في معنى الإسلام بين صلاح الباطن بالاستسلام، استسلام القلب لله، وصلاح الظاهر بصلاح الجوارح بالاستقامة على طاعة الله، والمحافظة على عبادته – سبحانه.

 

عباد الله:

الإسلام تكافل بين المسلمين، وتعاون وتواصل، وتراحم وأخوة؛ قال – جلَّ وعلا -: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، وفي الحديث يقول – صلى الله عليه وسلم -: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يحقره))، وفي الحديث أيضًا عن أبي ذر – رضي الله عنه – قال: قلت: “يا رسول الله، أيُّ الإسلام أفضل؟ قال تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت، ومن لم تعرف))؛ روه البخاري، ومسلم.

 

عباد الله:

الإسلام نهوض بالهِمم وارتفاع بالعزائم، وانشغال بمعالي الأمور، وبعد عن كل ما لا يعني الإنسان في دينه ودنياه، ولهذا جاء في الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((مِن حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه))؛ رواه الترمذي.

 

وهكذا – عباد الله – نجد أن هذا الدين العظيم يهذِّب العقائد، وينقي الأعمال، ويزكي السلوك، ويرتفع بالعبد إلى معالي الأمور، فالواجب على عباد الله المسلمين أن يجتهدوا في بذل وسعهم؛ لعمارة أوقاتهم بتحقيق هذا الإسلام، وحفظه والمحافظة عليه.

 

اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تشمت بنا عدوًّا ولا حاسدًّا يا رب العالمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وأقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه يغفر لكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد ألا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله – صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أما بعد:

عباد الله، اتقوا الله – تعالى – روى الحاكم في مستدركه عن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يدعو ((اللهم احفظني بالإسلام قائمًا، اللهم احفظني الإسلام قاعدًا، اللهم احفظني بالإسلام راقدًا، ولا تشمت بي عدوًّا ولا حاسدًا، اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك))؛ حديث حسن.

 

عباد الله:

وهو من أجمع الدّعاء وأعظمه؛ لأن من حفظ بالإسلام في قيامه وقعوده ورقوده، فقد سلمت له دنياه وأخراه، وأفلح في الأولى والآخرة، وسعد سعادة لا يشقى بعدها أبدًا؛ فعلينا – عباد الله – أن نحافظ على هذه الدعوة، وأن نحافظ على الإسلام عملاً به، ودعوة إليه، وانتماءً إليه؛ فلا أحسن ممن كان متصفًا بهذه الصفات؛ قال – جلَّ وعلا -: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33].

 

اللهم أحينا مسلمين، وتوفَّنا مؤمنين، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هُداة مهتدين.

اللهم أصلحْ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، والمسلمين المسلمات، والمؤمنين والمؤمنات؛ الأحياء منهم والأموات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين يا رب العالمين.

اللهم وعليك بأعداء الدين، أعداء الإسلام؛ فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك اللهم من شرورهم.

اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفِّق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك.

اللهم وفقه لنصرة الإسلام، ونُصرة الدين يا ذا الجلال والإكرام، اللهم آت نفوسنا تقواها، زكها أنت خير من زكاها، أنت وَليُّها ومولاها، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا، لنكوننَّ من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنَا عذاب النار.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.

 

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/22414/#ixzz6oRehZRex

                     
السابق
الجص هو مادة زرقاء اللون ضرورية لأعمال الأطلس والتبييض
التالي
المسافةُ بينَ منزلِ عبدِاللهِ والمسجد 400 م تقريبًا، أي ممايلي يمكن أن يكون التقدير المناسب للمسافةَ التي يقطعُهَا عبدالله لأداءِ صلاةِ الفجرِ في المسجد ذهابًا وإيابًا بالكيلو متر؟

اترك تعليقاً