سؤال وجواب

طالت فتوحات المسلمين العراق وفارس ومن أبرز المعارك التي حدثت هناك

طالت فتوحات المسلمين العراق وفارس ومن أبرز المعارك التي حدثت هناك

فتوحات العراق وفارس وهي البشارة النبوية بسقوط مدائن فارس التي تحققت على يد الفاتحين العظام أمثال المثنى وخالد وسعد والنعمان بن مقرن، والتي أنهت دولة الفرس والترك بعد معارك فاصلة كمعركة القادسية ونهاوند ، ويعرف الفَتْحُ الإسْلَامِيُّ لِفَارِسَ أو الغَزْوُ الإسْلَامِيُّ لِفَارِسَ (بالفارسيَّة: فَتْحِ اِيرانْ تَوَسُّطِ مُسَلْمانانْ)، وفي بعض المصادر ذات الصبغة القوميَّة خُصُوصًا يُعرفُ هذا الحدث باسم الفَتْحُ العَرَبِيُّ لِفَارِسْ (بالفارسيَّة: فَتْحِ اِيرانْ تَوَسُّطِ اَعْرابْ)، هي سلسلةٌ من الحملات العسكريَّة شنَّها المُسلمون على الإمبراطوريَّة الفارسيَّة الساسانيَّة المُتاخمة لِحُدود دولة الخِلافة الرَّاشدة، وقد أفضت هذه الفُتوح إلى انهيار الإمبراطوريَّة سالِفة الذِكر وانحسار الديانة المجوسيَّة في بِلاد إيران وإقبال الفُرس على اعتناق الإسلام.


وقد بدأت تلك الفُتوحات زمن أبي بكرٍ الصدّيق بِغزو المُسلمين للعِراق، المركز السياسي والاقتصادي للإمبراطوريَّة، سنة 11هـ المُوافقة لِسنة 633م بِقيادة خالد بن الوليد، فبقي حتى استكمل فتح العراق بالكامل، ثُمَّ نُقل خالد بعد ذلك إلى الجبهة الروميَّة بالشَّام لاستكمال الفُتوحات، فتعرَّض المُسلمون في العراق لِهُجومٍ مُضادٍ من قِبل الفُرس مما أفقدهم ما فتحوه مع خالد بن الوليد. فبدأت الموجة الثانية من الفُتوحات تحت قيادة سعد بن أبي وقَّاص سنة 14هـ المُوافقة لِسنة 636م، فكان النصر الحاسم في معركة القادسيَّة التي أنهت سيطرة الساسانيين على الجبهة الغربيَّة لِفارس. فانتقلت الحُدود الطبيعيَّة ما بين الدولة الإسلاميَّة الفتية والفُرس من العراق إلى جِبال زاگرُس. ولكن وبسبب الغارات المُستمرَّة للفُرس على العِراق، فقد أمر الخليفة عُمر بن الخطَّاب بتجريد الجُيوش لِفتح سائر بِلاد فارس سنة 21هـ المُوافقة لِسنة 642م، ولم تمضي سنة 23هـ المُوافقة لِسنة 644م حتى استُكمل القضاء على تلك الإمبراطوريَّة وفتح فارس برُمَّتها.

هذا الفتح السريع لِبلاد فارس من خلال سلسلةٍ من الهجمات المُنسقة تنسيقًا جيدًا، والتي أدارها عُمر بن الخطَّاب من المدينة المُنوَّرة على بُعد آلاف الأميال من ميادين المعارك في فارس، كانت له أعظم انتصار، وأكسبته سمعة كأحد أعظم العباقرة الإستراتيجيين والسياسيين في التاريخ. مُعظم المُؤرخين المُسلمين قد قالوا بأنَّ المُجتمع المدني في بلاد فارس عند بداية الفُتوحات الإسلاميَّة كان في حالة تدهورٍ وانحطاط، وبالتالي فإنهم احتضنوا تلك الجُيوش العربيَّة الغازية بأذرعٍ مفتوحة. كما أن مُنجزات الحضارة الفارسيَّة لم تُهمل، فقد تم استيعابها في النظام الإسلامي الجديد. بالمُقابل، يسعى عددٌ من المؤرخين الإيرانيين القوميين إلى إبراز وإظهار جانب المُقاومة القوميَّة للفُرس ضدَّ الفاتحين الجُدد، والتي استمرَّت سنواتٍ طويلة قبل أن يخضع الفُرس للمُسلمين. استبدل الفُرس أبجديَّتهم بالأبجديَّة العربيَّة بعد أن استقرَّ الحُكم الإسلامي في بِلادهم، وأقدموا على اعتناق الإسلام تدريجيًا، لكنَّهم لم يتعرَّبوا عكس أهل العراق والشَّام ومصر، وفضَّلوا الاحتفاظ بهويَّتهم القوميَّة الخاصَّة، وفي وقتٍ لاحق، امتزجت الثقافة الفارسيَّة بالثقافة الإسلاميَّة ونتج عنها ثقافةً جديدة مُميَّزة انعكست بشكلٍ واضح على أغلب أنحاء المشرق.

طالت فتوحات المسلمين العراق وفارس ومن أبرز المعارك التي حدثت هناك

الاجابة : معركة القادسية

حيث سار الجيشُ الفارسيّ بِقيادة رُستم، فاحتلَّ الجزيرة وحصَّن المُدن إلى الحيرة، فتراجع المُثنّى إلى الطق قُرب الكُوفة، فنقض أهلُ الذمَّة في العراق العُهود والذِمم والمواثيق التي كانوا أعطوها خالد بن الوليد باستثناء البعض منهم، فأخذ المُثنّى يطلُب الإمدادات من عُمر بن الخطَّاب الذي قال: «وَاللهِ لَأَضرِبَنَّ مُلُوُكَ الْعَجمِ بِمُلُوكَ الْعَرَبِ»، وخرج بنفسه في أوَّل مُحرَّم سنة 14هـ المُوافقة لِسنة 635م لِيُعسكر في صرار على بُعد ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق، يُريد قيادة الجيش الإسلامي بنفسه والذَّهاب للحرب. لكنَّ الصحابة أشاروا عليه أن يبقى في المدينة لأنَّ ذهابه يتعارض مع المصلحة العامَّة، وعرضوا عليه أن يُعيِّن قائدًا للجيش يذهب بدلًا منه، وتقرَّر بعد التشاور تعيين سعد بن أبي وقَّاص قائدًا عامًا للحملة. خرج سعد بن أبي وقَّاص في أربعة آلاف من المدينة المُنوَّرة، وقيل في ستَّة آلاف، ثُمَّ لحق به بعد خُروجه أربعة آلاف أُخرى، وانضمَّ إليه ثلاثة آلاف من بني أسد فيهم طُليحة الأسدي الذي تنبَّأ أيَّام الرِّدَّة ثُمَّ أسلم، كما لحق به الأشعث بن قيس في ألفٍ وسبعُمائةٍ من أهل اليمن. وقبل وُصوله بِقليل، توفي المُثنَّى بن حارثة من الجُرح الذي أصابهُ يوم الجسر. نزل سعد بن أبي وقَّاص في «شراف» حيثُ انضمَّت إليه القُوَّات الموجودة في العراق، ثُمَّ سار بالقُوَّات مُجتمعةً فنزل بها بين العذيب والقادسيَّة، والإمدادات تتوالى حسب أوامر عُمر بن الخطَّاب، فانضمَّ إليه المُغيرة بن شُعبة وهاشم بن عُتبة بن أبي وقَّاص والقعقاع بن عمرو التميميّ وقيس بن مكشوح، وكان هؤلاء أخبر من غيرهم في حرب الفُرس نظرًا لأنَّهم كانوا مع خالد بن الوليد أيَّام الفُتوحات الأولى للعراق. كما انضمَّت القبائل العربيَّة المسيحيَّة إلى صُفوف المُسلمين، وأعلنت أنَّ نقضها العهد الذي قطعته لِخالد بن الوليد عند مجيء رُستم كان بضغطٍ من الفُرس الذين أخذوا منها الخِراج، ودخل الكثير من أبنائها في الإسلام.

نزل الفُرس بِقيادة رُستم، بين الحيرة والسياخين، في جيشٍ عرمرميّ قيل بأنَّهُ ضمَّ مائة وعشرين ألف مُقاتل نصفهم من الفُرسان الدَّارعين، وثلاثة وثلاثين فيلًا، أي أكثر من ثلاثة أضعاف قُوَّة المُسلمين. وزحف رُستم نحو القادسيَّة، وعسكر على بُعد ميلٍ واحدٍ فقط من المُسلمين، ولم يشتبك معهم في مُحاولةٍ منه لإدخال الضجر والملل إلى قُلوبهم لِينسحب منهم أكبر قدرٍ مُمكن. كتب سعد بن أبي وقَّاص إلى عُمر يشرح لهُ الموقف الميدانيّ، فأجابهُ عُمر بأن يبعث إلى شاه فارس من يُناظرونه ويدعونه إلى الإسلام قبل الإقدام على القِتال، فامتثل سعدٌ لِأوامر الخليفة، وبعث النُعمان بن مُقرن وعاصم بن عمرو في طائفةٍ من أصحابه إلى يزدجرد، فسخر منهم ومن العرب أجمعين مُهددًا بِجيش رُستم الذي قال أنَّهُ سيدفن المُسلمين في خندق القادسيَّة. كما جرت اتصالاتٌ مُكثَّفةٌ بين رُستم وسعد قبل القِتال، وتبادلا السُفراء، إذ كان رُستم قد تردَّد في خوض معركةٍ سافرة مع المُسلمين، وراسل سعدًا يطلب الصُلح، فأرسل لهُ ربيع بن عامر الذي عرض عليه أن يختار بين الإسلام أو الجزية أو الحرب، فيما عرض رُستم الكثير من العطايا والمِنح والوُفود على المُسلمين مُقابل عودتهم إلى بلادهم، فرُفض طلبه جُملةً وتفصيلًا، فاستشاط غضبًا وأقسم بالشمس أن يقتل كُل المُسلمين بحُلول الصباح، فتبدَّدت كُل آمال الصُلح والمُهادنة. دامت المُفاوضات بين الفُرس والمُسلمين ثلاثة أيَّام، وفي اليوم الرَّابع وقعت المعركة، فالتقى الجمعان في الميدان، وكان سعدًا قد أُصيب بِعرق النسا وبِقُروحٍ مُتعدِّدة، وأصبح عاجزًا عن الحركة والمشي، فتمركز في قصرٍ ملكيٍّ قديمٍ يُشرفُ على ميدان القتال، وعيَّن خالد بن عرفطة قائدًا عامًا يُشرفُ على المعركة بدلًا منه. والتحم المُسلمون والفُرس في رُحى معركةٍ طاحنة استمرَّت ثلاثة أيَّام وليلة: يوم أرمات، ويوم غواث، ويوم عماس، وليلة الهرير. تحارب الطرفان طيلة الليل وحتَّى غُروب شمس يوميّ أرمات وغواث، وكانت الفيلةُ تُنفرُ الخُيول، فحملوا عليها في يوم عماس بأن هاجموا الفيل الأبيض والفيل الأجرب وهُما أكبرُ الفيلة بأن طعناها في المشافر والعُيون، فخرَّ الأبيضُ صريعًا وفرَّ الأجربُ في النهر فلحقتهُ سائرُ الفيلة، وهُنا وجد المُسلمون الفُرصة سانحة، فقاتلوا الفُرس طيلة الليل، وفي صباح اليوم الرَّابع «يومُ القادسيَّة»، بدأت الهزيمة تحلُّ بالفُرس، فقُتل رُستم على يد هلال بن علقمة التميميّ، وقُتل الجاليونس أثناء مُحاولته الفرار، ولاذ الجيشُ الفارسيّ بالفِرار عبر النهر. وبهذا تحطَّمت القُوَّة الميدانيَّة للجيش الفارسيّ وازداد اليأس والاضطراب في البلاد بعد مقتل رُستم، وفُتحت أبواب فارس على مصراعيها أمام المُسلمين للتوغُل في بلاد الأعداء.

 

                     
السابق
حرف الطاء وما في حكمه من الحروف المفرغة التي تستقر
التالي
اي المركبات التالية غير ايوني

اترك تعليقاً