منوعات

التفكر من العبادات ….. القلبيه. الجوارح. الظاهريه .

المحتويات

التفكر من عبادات

إنه مما يحزن القلب ويحير العقل أن يكون هذا حال أمة أول كلمة في كتابها الذي تتعبد به لربها ليل نهار كلمة”اقرأ”، وكانت فيه كلمة ”يتفكرون” أمراً مباشراً، وكلمة ”يعقلون” من المعاني البارزة في هذا الكتاب، وكلمة ”قل سيروا في الأرض فانظروا” من سماته، فكان للحث على إعمال العقل، والدفع إلى حضور القلب النصيب الأكبر من توجيهات الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم.


ولو لاحظنا جيداً لوجدنا أن عبادات الجوارح محدودة بالنسبة لما يوليه لها الناس من اهتمام على حساب عبادات القلوب، في حين أن القلب هو الأساس الذي إذا صلح صلحت سائر الجوارح وسائر العبادات، وإذا فسد فلا جدوى من إنهاك البدن بحركات آلية لا تغير واقعاً فردياً ولا اجتماعياً فصار حال الأمة إلى ما لا يخفي على أحد اليوم.

التفكر من العبادات القلبية .

العبادات القلبية هي التي تتعلق بقلب الإنسان من الاعتقاد والتوكل والخشية والإنابة والإخلاص وغير ذلك من العبادات التي تنبعث من القلب، وإن ظهرت آثارها على الجوارح إلا أنها تنسب إلى القلب باعتباره مبعثها، وهي ناشئة منه، وهي لا تقبل النيابة، كيف تقبل النيابة: النية عن فلان، أو الإخلاص عن فلان، أو التوكل على الله عن فلان؟! فهذه لا تقبل النيابة، وإذا قبلت الأعمال البدنية النيابة فإن الأعمال القلبية لا تقبل إلا إذا كانت تابعة لأعمال بدنية، كالنية في الحج مثلاً، حيث يَنوي الحج عن فلان؛ لأن هذه العبادة عبادة في الأصل بدنية تقبل النيابة، ومالية تقبل النيابة، فيتبعها النية عن فلان، ويثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالاً.

التفكر من العبادات القلبية . صواب خطأ

ومن أهم هذه #العبادات القلبية، عبادة #التفكر ، الاجابة : عبارة صحيحة

حيث يقول ربنا تبارك وتعالى في بعض آياته موجهاً المؤمنين أو عموم الناس إلى التفكر:
– {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ﴿آل عمران:191﴾
– {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} ﴿الأنعام:50﴾
– {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} ﴿الأعراف:184﴾
– {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ} ﴿الروم:8﴾
– {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} ﴿سبأ:46﴾
والتفكر لغة هو التأمل وتردد القلب في الشيء، يقال تفكر إذا ردد قلبه معتبراً.
وفي الاصطلاح: جولان العقل والقلب في الدلائل والآيات، ليستفيد علماً صحيحاً.

للتفكر في خلق الكون ثمرات منها:

والفكر والتأمل والبحث والاطلاع وتقليب النظر في صفحات كتاب الله تبارك وتعالى هو أقصر الطرق لترسيخ الإيمان وتعميق الصلة بالله ومعرفته حق المعرفة، وهو اللغة التي يعرفها العصر اليوم والتي أمرنا أن نكون أولى الناس بالأخذ بها والسير بمنهجيتها بل وصنعها وتعريف الخلق بها، إذ كيف يكون المسلم مكلفاً بحمل رسالة الهداية للبشرية ثم هو لا يتقن اللغة التي يتحدث بها إليهم، لغة العلم والعقل والبحث، تلك اللغة التي أجلَها القرآن فقال سبحانه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر:28].وإنما يتحصل العلم بالبحث والجهد والتفكر.

ومجالات التفكر واسعة في كتابين وضعهما الله للخلق للوصول إليه مختارين، القرآن وهو كتاب الله المقروء، وصفحات الكون كتاب الله المنظور.

يقول ربنا في سورة النساء: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [82] وذلك هو التفكر والتدبر والعلم الذي يصل الإنسان بربه، فلو تأملنا تلك الكلمات المنزلة منذ أربعة عشر قرناً التي كلف الله بها خلقه ثم هو يتحداهم بها بكل ما أوتوا من قدرة على التفكر أن يبحثوا ويقلبوا فيها مقارنين بينها وبين خلقه، فلو كان الخالق ليس واحداً فكيف بتلك المنظومة العجيبة لا يشذ عنها شيء، ولا يخرج عن سنته منها شيء، ولا يتمرد من مخلوقاته شيء!

انظروا إن شئتم في قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِيْ لِمُسْتَقَرٍّ لَهَاْ ذَلِكَ تَقْدِيْر الْعَزِيْزِ الْعَلِيْمِ} [يس:38]، فالذرة التي تتكون من نواة تحتوي على نيوترونات متعادلة وعدد من البروتونات يساوي عدد الإلكترونات التي تدور في مدارات حول النواة، تسير في اتجاه واحد من اليسار إلى اليمين في حالة تشبه ”الطواف” ثم انظروا لحركة الأرض والكواكب حول الشمس بنفس الكيفية، ثم المجموعة الشمسية التي تطوف كذلك حول المجرة، والكون كله يطوف في حركة مستمرة لا تتوقف، ثم يطوف المسلم في الأرض حول الكعبة بنفس الكيفية، فمن الذي وحد حركة الكون بدءا من الذرة إلى المجرة إلى ما هو أكبر وأقل إن لم يكن الخالق الواحد؟

وكتاب الله المفتوح زاخر بتلك الآيات ويكفي أن تقلب وجهك في صفحة السماء ليلاً لترى عجباً!

ومن مجالات التفكر كذلك: التفكر في نعم الله علينا، انظر لمن أغناه الله وأعطاه الكثير من الأموال والذرية، ثم أنت تنظر إليه بعين الحسد وتنسى أن لله الحكم العدل قد فضلك عليه لو تفكرت بأشياء ما كنت تتنازل عنها، انظر ماذا أخذ الله منه وأعطاك في مقابل ما ميزه، ولو أعملت قلبك وعقلك ما اخترت إلا ما اختاره الله لك بحكمته وميزك عليه به وحمدته سبحانه على ذلك.

ومن مجالات التفكر: البحث في سير الأولين والتعلم والاعتبار واستخلاص الدروس وكيفية بناء الحضارات وكيفية سقوطها: قال تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [الروم:9].

تخيلوا لو أن أمة قوامها اثنين من المليارات أعملت تلك العقول والقلوب بإخلاص وجد، وبذلت الجهد الملائم للوصول لبعض أسرار خلق الله كيف يكون حالها!

إن أول طرق الارتقاء بالنفس ثم بالمجتمع ثم بالأمة هو تلك العبادة المنسية عند المسلمين والذين هم أولى الخلق بها، فهل نحن معتبرون؟

                     
السابق
شرح نص أفي الناس أمثالي
التالي
عوامل ترابط العالم العربي والإسلامي منها :

اترك تعليقاً